وات ذا هيل

العام 2011 ديسمبر، مظاهرة في ڪلية الأداب بجامعة الفرات في دير الزور، تحولت خلال دقائق لــ 1000 طالب تقريباً، خرج العميد راغب الصياح وأتصل بالأمن، دقائق وطوقت مخابرات نظام الأسد المكان، وبدأ إطلاق النار، حوالي 60 عنصر وأكثر توافدوا،، لحظات 100 عنصر أمن، وبدأت الإعتقالات والضرب والشتائم بالطلاب، جلبوا (3) شاحنات زيب عسكرية مغلقة، وعدة سيارات مغلقة "صالون" وبدؤوا بدك الطلاب مع بعضهم، شباب وبنات، أذكر أنهم وضعوني مع طلاب غالبيتهم أدب أنكليزي، ثم أقفل العنصر الباب، كان هناك فسحة في المكان، عكس السيارات الأخرى التي تم حشوها، كانت لهجة ضباط الساحل هي المسيطرة على المكان، شتائم وصلت غالبيها للكفر، ثم تحركت سيارتنا، كان هناك ثمة نافذة صغيرة خلف السائق، كلامه القذر وتهديداته الموجهه إلينا لم تتوقف، شخص جاهل بالغالب من نمط كلامه الوسخ، "سأنسيكم ربكم، انسوا حياتكم" ألخ ..، تسارعت ضربات قلوبنا جميعا، الخوف مسيطر على الجميع، كنت أنظر بتمعن عبر النافذة الصغيرة خلف كرسي السائق، أحاول توديع السماء والمدينة للمرة الأخيرة، كان لدي فكرة عما يحصل في سجون الأمن، عرفت اشخاصا كثر تكلموا عن تجربتهم هناك لأيام بتهم بسيطة، فما بالك بتهمة إسقاط نظام !

فجأة توقفت السيارة بعد ان تحركت مسافة 500 متر
قال الضابط الذي يجلس بالمنتصف للعنصر الأخر : في مكان لحدا تاني ؟
ألتفت نحونا وقال في مكان بيسع اثنين كمان. 
- الضابط: تمام لكان اشحطلي هالكر هداك ابو عكازة  ما حلوة رايحين بنقص،،

- توقفت السيارة ونزل العنصر، نادى (ماهر) وهو طالب أدب عربي اعرفه، كان خارج الكلية تماماً وصاحب إعاقة، يستند على عكازة للمشي، ماهر شاب من بلدة بالريف، لاتهمه السياسة، مؤيد منذ بدء حراك درعا، كلما بدأت مظاهرة يترك المكان، كلما تحدثنا بالسياسة يتركنا. 
فُتح باب السيارة ودكوا ماهر معنا، حاول ان يتحدث معي عندما شاهدني، أوقف الضابط السيارة، وضربة بأخمص الكلاشنكوف
: إذا بسمع صوت بدي *** ربكم

أودت قضية الاعتقالات العشوائية، وتطبيق العدد بسيارات الأمن بحياة الالاف من السوريين بدون مبالغات، يكفي ان تمر بشارع قريب من شارع فيه مظاهرة لتختفي خلف الشمس، سُجنا لمدة 7 أيام فقط، يومان بالتوقيف، و 4 بالفرع، والسابع اخرجونا نحن ممن كنا في الزنزانة، خرجت أنا وحصلت على وسم في وجهي كتذكار من الإيقاف البسيط، خرج صديقي عبد الباسط بضلعين مكسورين، لم يكن في مظاهرة هو الأخر كان يقف مع طالبة بالكلية، بينما بقي ماهر في الفرع لــ 20 يوماً، دفع اقاربه حوالي مليون ليرة ليخرج مع واسطة من الشيخ الهفل، خرج معارضاً بارزاً، علمت ان من بين المعتقلين اشخاصا تم تحويلهم لدمشق، من يذهب لهناك بالغالب لن يعود، ولولا رحمة الله لأختفينا، كان ثمة فرز عشوائي للمعتقلين، قسم نقلوهم وقسم اخرجوهم. 

من بين لحظات السجن تلك، عبارة كان يرددها "مؤمن" طالب أدب انكليزي من المدينة، كلما دخل السجان ليبدأ جوله الضرب الصباحية، كان يقول :وات ذا هيل، عندما خرجنا، كانت تلك العبارة مفتاحاً لسلامنا عليه كلما شاهدناه، كل من ذكرتهم تقريباً في اوربا اليوم، وبعضهم فقدت أخباره. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرة مبسطة لمجريات البادية

حصيلة البادية لشهر مارس 2024

تقرير البادية لشهر فبراير 2024

حصيلة أحداث شهر أبريل في البادية

الفطر القاتل "الكمأة"

خلافة من ورق - التيارات المتصارعة داخل التنظيم