"فاغنر" تنسحب من البادية الشامية.. من سيحمي آبار النفط؟
"فاغنر" تنسحب من البادية الشامية.. من سيحمي آبار النفط؟
زين العابدين العكيدي
20.09.2023
أكدت مصادر مطّلعة من داخل النظام أن مرتزقة فاغنر انسحبت من أبرز مقراتها التي كانت تتمركز فيها لسنوات في البادية الشامية غرب دير الزور، وذلك بعد خلافات مع قيادة الاحتلال الروسي في سوريا.
وقالت المصادر لأورينت إن الانسحاب، الذي كان متوقعاً بعد مقتل زعيم المرتزقة "يغفيني بريغوجين" بتحطم طائرته في سان بطرسبورغ، رفقة أبرز القيادات في آب المنصرم، جرى في مناطق الشولا وكُباجب وحقل التيم بدير الزور، ومنطقتي الطيبة والكوم شمال السخنة، إضافةً لحقول جزّل والشاعر ببادية حمص، فيما ستتواصل لاحقاً عمليات إجلاء العناصر الراغبين بالمغادرة غالباً من حقول آراك والضبيات، وبقية مناطق البادية الشامية.
وبدأ الانسحاب مطلع شهر أيلول الجاري، بعد اجتماع عُقد في مدينة حمص، خَيرت فيه القيادة الروسية قادة فاغنر في سوريا، بين البقاء أو الخدمة بسوريا في نفس شروط العقد القديم، لشهر واحد فقط، وبعدها سيتم ضمهم إلى ملاك الجيش الروسي، أو مغادرة سوريا والعودة لروسيا وبقية الدول التي جاء المرتزقة منها.
وبحسب المصادر فقد فإن عناصر المرتزقة السوريين لم يستلموا رواتبهم عن شهر آب الماضي حتى الآن.
ويوجد في سوريا أكثر من 1500 عنصر من ميليشيا "فاغنر" من جنسيات تتبع دول الاتحاد السوفيتي سابقاً، ويتركز وجودهم بالدرجة الأولى ضمن حقول النفط في البادية السورية، وفي عدة بلدات بالبادية، كما يوجد أكثر من 3000 سوري مُجندين تحت مظلة ميليشيا "فاغنر" داخل وخارج سوريا، غالبيتهم مقاتلون، ومن بينهم موظفون مدنيون.
مسار الانسحاب
اختيرت منطقة مجمعات سكنية غرب وشرق محافظة حلب مركزاً لتجمع مرتزقة فاغنر المنسحبين من البادية، تحضيراً للمغادرة لخارج سوريا،، وستستمر عملية الانسحاب بشكل تدريجي وبإشراف الجيش الروسي وميليشيات أسد ريثما تملأ الأخيرة الفراغ، من ميليشيات يجري تجهيزها وبعض مجموعات صغيرة لفاغنر وافقت على البقاء وفق عقود جديدة مع الجيش الروسي، للدفاع عن حقول النفظ والغاز.
ويرجّح الكاتب والصحفي فراس علاوي ألا يكون انسحاب "فاغنر" بشكل كامل من سوريا في هذه المرحلة، فالروس بحاجة لوجود هذه الميليشيا أي "قوة غير نظامية" تُنفذ عمليات من المفروض ألا ترتبط بالجيش الروسي، إضافة إلى أن وجودها اليوم إجباري بسوريا لتحقيق توازن مع وجود الميليشيات الإيرانية، ريثما يتم تأمين بديل.
البديل: ميليشيا درع الأسد
وقالت المصادر إن ميليشيا أسد سعت لاحتواء موضوع انسحابات فاغنر من البادية، منذ تمرد المرتزقة على بوتين والقيادة الروسية في حزيران 2023، ومحاولة احتلالها الفاشلة لموسكو، حيث بادرت لنشر مجموعات رديفة لها، غالبيتها من ميليشيا "درع الأمن العسكري" وهي ميليشيا كانت شبه منحلّة، لكن تم إعادة بعض عناصرها للعمل، قرب حقول وآبار النفط "جزل، آراك، الشاعر"، مع مجموعات من ميليشيا الدفاع الوطني من قاطعَي السخنة وحمص.
إذن وبحسب المصادر فإن البديل الجديد لفاغنر في البادية هو وحدات من ميليشيات أسد (النظامية) إضافة لميليشيا "درع الأمن العسكري" أو كما يسميها الموالون "درع الأسد".
ويقود ميليشيات درع الأسد شخصيات من القرداحة وتحظى بدعم كبير من الروس وبشار الأسد، وسيتم إعادة تفعيلها بشكل أكبر، وعناصرها بالغالبية من الساحل ومقاتلون سابقون في قوات النمر وميليشيا الدفاع الوطني، وكان لهم دور كبير في معارك البادية وتدمر ودير الزور والقلمون، خصوصاً ضد تنظيم داعش، والتعويل سيكون عليهم بالدرجة الأولى لحماية حقول النفط والغاز في البادية، لجانب عمليات التصدي لتنظيم داعش رفقة قطعات أسد النظامية وهذا القرار تم اتخاذه بالتفاهم مع قيادة الاحتلال الروسي.
13 هجوماً في آب
وخلال الأسابيع الماضية شهدت عدة مواقع لميليشيا أسد بالبادية الشامية هجمات شنها مقاتلون من تنظيم داعش الإرهابي تمحورت في بوادي دير الزور والرقة وحمص، وشهدَ شهر أغسطس / آب المنصرم (13) هجوماً لداعش في البادية إبان الفترة التي شهدت جموداً لنشاط فاغنر في البادية بعد التوتر الذي حصل بينها وبين القيادة الروسية.
ويرى الصحفي عبد السلام الحسين مدير شبكة نهر ميديا أن الربط بين تصاعد هجمات داعش وقلة نشاط فاغنر منطقي، لأن مرتزقة فاغنر هم القوة رقم واحد التي تعتمد عليها ميليشيا أسد في البادية، وأي طارئ يمس نشاط فاغنر ووجودها في سوريا سينعكس حُكماً على نشاط تنظيم داعش لا محالة.
ورجّح الحسين خلال حديثه لموقع أورينت نت أن نشاط تنظيم داعش سيتزايد بعد انسحاب ميليشيا فاغنر من عدة مواقع لها بالبادية، وذلك لعدم قدرة ميليشيا أسد على تغطية تلك المواقع، إضافة الى أن البادية شهدت فرار العديد من عناصر المليشيات المحلية بما فيها الإيرانية نتيجة زج أولئك العناصر في نقاط تنشط فيها خلايا التنظيم بكثافة في الأيام الماضية، مشيراً إلى أن البديل حتماً لن يُقارن بمرتزقة فاغنر الذين كان لهم دور كبير بالتصدي لداعش بالبادية".
يُذكر أن مجموعة روستوف التابعة لميليشيا فاغنر كانت تشرف على غالبية قطاعات البادية الشامية وخاصة في تدمر والسخنة والكوم وحقل آراك، وهي مجموعة متمرسة قتالياً ودموية، وغالبية عناصرها من الجنسيتين البيلاروسية والروسية، وآخر معركة كبيرة لهم كانت عملية استعادة بلدة الكوم شمال السخنة من داعش أواخر العام المنصرم 2022، وهذه المجموعة بالتحديد آثر معظم عناصرها الانسحاب من سوريا، وتوجه عدد كبير منهم نحو شرق حلب.
وعن مستقبل فاغنر في سوريا يرى الكاتب فراس علاوي أن القرار مرتبط بإستراتيجية الكرملين المستقبلية، وأنه سيتم إعادة بناء وترتيب الميليشيا على أسس جديدة، وربما نرى اسماً جديداً لفاغنر، فالحاجة لهذه الميليشيا مُلحّة من قبل الروس، ووجودها في سوريا ضروري ومهم ولن يتم التفريط بها بسهولة.
وخلال شهر أيلول الجاري نفّذ تنظيم داعش (4) هجمات ضد ميليشيا أسد في بوادي دير الزور والرقة، أعنف تلك الهجمات كانت بتاريخ 09.09.2023 عندما هاجم التنظيم عدداً من رعاة الأغنام قرب الشولا ــ المالحة ببادية دير الزور، وقتل 11 راعي أغنام وثلاثة جنود لميليشيا أسد، تلاها بتاريخ 11.09.2023 هجوم على حامية حقل الخراطة النفطي، قُتل فيه عنصر للنظام وأصيب اثنان آخران حينها.
تعليقات
إرسال تعليق