يوم شتوي في الشرق




‏في ريف دير الزور، وفي أيام الشتاء تبدأ جلسات مانسميها بــ "المشراگه" وهي مصطلح يعني المكان الذي يتعرض لأشعة الشمس من فترة الصباح للعصر، حيث يكون هذا المكان عبارة عن جلسة في مكان - أما فناء البيت "الحوش" أو قرب جدار الحوش، أو قرب جدران المنزل، بحيث يكون مشمساً، ولايصله هواء الشتاء، ويشكل مايعرف بالدارجة الديرية بــ "الذَرْوّه"، وبالعربية بمعنى "الحماية"، والمكان الذَروّه أي الذي يلجأ له الناس بعيداً هواء الشتاء البارد، تتميز جلسات المشراگه أنها جلسات عائلية على مستوى العائلة، والجيران، والأصحاب، والضيوف كذلك، يميزها الأحاديث والنقاشات التي تتطرق لكل شئ من السياسة، للأقتصاد، للأنساب، والفكاهه، مع دورات لاتنتهي من "قواري الݘاي"، وتدخين "الدخان الغازي" أو مايعرف باللف، وعادة تكون هناك "جَمّريه" وهي عبارة عن جمر ساخن يوضع بــ صاج، ( صحن كبير )، أو تنكة، إذا كان الجو باردا جداً طبعاً ولم تفي أشعة الشمس عندها يتم أستخدام الجمرية، ويحضر تلك الجلسات عادة النساء والأطفال‏ ويستمعون ويشاركون بالحديث، في مجتمعات الشوايا يتصرف الجميع بعفوية كأسرة واحدة، مع مرور سنوات الحرب وماشابها من هجرة كبيرة، تقلصت مساحات الحضور لجلسات "المشراگة" على صعيد العوائل، والقرى والبلدات، وربما هذا الشتاء تقلصت أكثر، وستقتصر بمعظمها على بعض كبار السن الذين سيشعرون بغصةٍ أكيدة، كونهم سيفتقدون لجلسات أبنائهم وبناتهم من المهاجرين أو المعتقلين، أو الشهداء غالباً، ربما سيناقشون في هذا الشتاء أخبار الهجرة، وحرب أُوكرانيا وروسيا، وأسباب أستقالة ليز تراس، فنقاشات أهلنا تضاهي جلسات كلوب هاوس، وسبيسات تويتر. 



شتاءٌ جديد يحل على شرق البلاد، وحتى‏ جلسات المشراگة ستكون ناقصة جداً بسبب الكم الهائل من المهاجرين الذين ضحت بهم هذا الموسم، كل شئ يتغير، وسلامٌ عليكم إينما حططتم في منافيكم أهلنا.‏ 

- قوري ݘاي، بالديرية هو أبريق الشاي، أو ݘيدان الشاي، نتشارك اللفظة كالعادة مع شعب العراق. 

- الدخان الغازي، هو نوع من الدخان الرخيص، يلجأ له الغالبية لأنه أرخص من الدخان الذي يباع بــ باكيت، والغازي أو اللف هو دخان كبار السن المفضل، وعامة البروليتاريا.‏


في الشتاء يتم أرتداء "الفَرّوه" وهي اللباس الغالب لكبار السن وبعض الشباب كذلك، وفي الريف لها طراز معين، وهي متعددة الأستخدامات، ودافئة جداً وتُلبس بطريقتين، بالطريقة النمطية العادية، وطريقة "التگبع" أي كالقبعة، فــ فلان تگبع، أي أرتداها كالقبعة تقيةً من البرد أو المطر. 
 ولاحظت خلال السنوات الماضية ظهور عدة أشكال مشوهه للفروة، وأستعمالاتها كذلك في المدن الأخرى التي لم تكن تُعرف فيها، كــ لبسها كــ روب في بيوت الأغنياء، وظهور تطاريز بشعه عليها كنوع من الموضة، وكانت تُصنع وتُباع ولليوم في عدة مناطق، ولازالت أحتفظ بــ فروة جدي رحمه اللّه لليوم، حرفياً أفضل رفيق للشتاء هي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرة مبسطة لمجريات البادية

حصيلة البادية لشهر مارس 2024

تقرير البادية لشهر فبراير 2024

حصيلة أحداث شهر أبريل في البادية

الفطر القاتل "الكمأة"

خلافة من ورق - التيارات المتصارعة داخل التنظيم