في ساعات الليل

لازالت ندوب السنوات العشر التي مضت تجثمُ على صدري، كل يوم يمرُ تلتبسهُ ذكرى، غالباً سوداء، لدي ذاكرة مولعة بالتفاصيل والأرقام، تمرُ الليالي صعبةً بالعموم، وكل ساعة لها معنى، بدأت دلالات التوقيت ترهقني منذ أول يومٍ رمى فيه قومي أصفاد الذل، كانت الساعة عندما تشيرُ الى 06:00 صباحاً تثيرُ قلقي، فمداهمات الأمن كانت في هذا التوقيت عادة في منطقتي، قضيتُ أياماً وقتها أنامُ في الزرع والبساتين القريبة، حتى بتُ أحفظ متاهات الحقول أكثر من أصحابها، مضت عدة سنوات، وجاء داعش ودارت الدوائر حولي، وفهمت وقتها أن الساعة الــ 03:00 فجراً هي موعد زياراتهم، كرهت جداً هذا التوقيت المرعب، لم أنم لشهور إلا بعد إنقضاء الساعة الثالثة، كان لدي طقسٌ أسير عليه أن أدفن موبايلي تحت شجرة التين المطلة على نافذة غرفتي، لسخرية الحال صنعتُ مكاناً له هناك، ولحسن حظي عندما فعلوها وزاروا منزلي كنتُ خارجه ونجوت، ألطاف الرحمن خفية، مضت بضع سنون، وعشتُ نازحاً طريداً، إلى أن أستقر بي الحال، ومجدداً كانت الساعة الواحدة والثانية ليلاً تخيفني في الجزيرة، وهدير الطائرات كذلك يفعل، فهي موعد قسد عادةً، فكل غريب أعزب عادة مطلوب، حفظتُ الدرس جيداً، وزرعت تلك السنوات ما زرعت، ولازالت اتحسس من تلك التواقيت، أضطرب برهه ثم أتذكر أن لا أمن، ولا داعش، ربما غيرهم من يدري .. على كل حال لم أعد أكترث، واليوم يفعل التفكير في الماضي أكثر مما يفعله بك رعب تلك الساعات، حزن لاينقضي، وتفكير مضطرب مختلطٌ بالندم تارة، والحزن تارة، وتقطعه ابتسامات عابرة يرسمها بعض المارين ببالنا .. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرة مبسطة لمجريات البادية

حصيلة البادية لشهر مارس 2024

تقرير البادية لشهر فبراير 2024

حصيلة أحداث شهر أبريل في البادية

الفطر القاتل "الكمأة"

خلافة من ورق - التيارات المتصارعة داخل التنظيم