في فلسفة الثأر

‏تغصُ حياتنا في شرق البلاد بيوميات الثأر، فهو قدرُ شريحة كبيرة من أبنائنا، ومصير وغاية أحياناً، حتى لطفل يولد، ويكمل حياته يوم بيوم لهدف وحيد تحقيق ثأر والدهِ، شقيقهِ، وغيرهم، في فلسفة الثأر يمكننا الحديث عنها لأيام، وغالباً الذم يكون نتيجة الحوار عنه، نشوة تحقيق الثأر واحدة، ‏سواءً كان لشخص بسيط أنتقم لأخيه، لأبيه في "أقتتال عشائري" (بلشه، دگة)، أو كان الثأر لكيان، جماعة، دولة، وهلما جرا، قد تكون الشرارة لذلك الأقتتال بسبب يراه البعض تافهاً جداً، منذ أيام قتل في الرقة (3) أشخاص بسبب خلاف على طلبية (لفة شاورما)، وأتذكر في منطقتي أن أقتتالاً كان ، ‏قد نشب بسبب خلاف على (50) ليرة، وراح ضحيته العشرات خلال السنوات التالية بعد مقتل أول شخص، تجرأت مرة وسألت شقيق أحد القتلى في تلك (البلشه) التي دامت سنوات ولازالت مستمرة منذ بداية الألفينية، هل صحيح أنها بسبب (50) ليرة !
أجابني وقتها وهو يغلي: "العبرة بوقتها مو مشان 50 ليرة 
،قتلو أخوي لأنو هانو، وأستغباه، وتعالى عليه، وسب عرضنا"، دوماً شرارة الأحداث الكبرى تكون بسبب يراه الكل بسيطاً، ولأجلها أندلعت حروب، والتاريخ مليئ بالعبر، كشعب مكلوم، وكفرد من هذا الشعب الذي عانى الويلات ولازال، لم أؤمن بالثأر بمنظوري الضيق حينها المحصور بعشيرة، قبيلة ..
،‏أمنت به، بعد سنوات من القتل المُشبع بالحقد الذي نالنا من نظام مجرم طائفي قذر، لو عدنا لسبب الثورة وعن رمزيته ماذا كان ؟ ولو أن المقاربة هنا بين أسباب الثأر بعيدة نوعا ما، كان بسبب عبارات كتبها أطفال صغار، وماذا كان الرد !
لازال منظر الطفل حمزة الخطيب عالقا في الأذهان 
،وأسم عاطف نجيب، ودرعا، راسخاً في بالنا، يذم أهلنا ويحتقرون علم النظام الأحمر 🇸🇾 وشخصيا أكرهه كثيراً، بات دليلاً للموت والدم والقصف والسجون والطائفية، يذكرني بالحولة، والكيماوي، وصيدنايا، والبراميل، لايمكن محو رمزية هذا العالم البشع أبداً، يخفق قلبي بكراهية عند رؤيته، لكن الجميل في الأمر أن هذه الرايات المرفوعة
في شوارع مناطق النظام، وصور المجرم الوضيع صاحب البدلة السوداء البلهاء، والمنتشرة على الجسور والحواجز، والمحلات والدكاكين، تذكرنا بثأرنا الذي لن ننساه ما دامت موجودة، هذه الرايات هي كراهيتنا التي تُرفرف، هي سكاكين من قماش، لازالت عبارة "البدوي لن ينسى ثأره ولو بعد 40 سنة"، تتردد كمثل شعبي في مناطقنا، الثأر كما الحب، كما الهواء، ضرورة للبقاء وأوكسجين لذاكرة أصحاب القضية، من يذمون الثأر غالبا هم المنظرين، الذين لم يخسروا شيئاً، هناك فرق بين من يتألم ومن يصف رؤية المتألم، لا عشنا أن نسينا ..‏لازالت عبارة "البدوي لن ينسى ثأره ولو بعد 40 سنة"، تتردد كمثل شعبي في مناطقنا، الثأر كما الحب، كما الهواء، ضرورة للبقاء وأوكسجين للذاكرة، لا عشنا أن نسينا سيادة الرئيس ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرة مبسطة لمجريات البادية

حصيلة البادية لشهر مارس 2024

تقرير البادية لشهر فبراير 2024

حصيلة أحداث شهر أبريل في البادية

الفطر القاتل "الكمأة"

خلافة من ورق - التيارات المتصارعة داخل التنظيم