ميليشيات النظام وإيران تضيّق الخناق على فلاحي دير الزور والرقة بإجراءات عقابية


زين العابدين العكيدي | 03.06.2022


مُجدداً ومع بداية موسم حصاد القمح في شرق سوريا، تتكررُ ممارساتُ ميليشيا أسد بحقِ سكان المحافظات الشرقية، حيث بدأت التضييق على الفلاحين في دير الزور والرقة لمنعهم من بيع محصول "القمح" أو الاحتفاظ به. عدةُ عمليات اعتقال طالت عدداً من الفلاحين في الرقة ودير الزور نفذتها قوات النظام، حيث ذكرت شبكة «نهر ميديا» المُختصة بأخبار المنطقة الشرقية، أن قوات النظام اعتقلت فلاحاً من بلدة الزباري شرق دير الزور بسبب احتفاظه بمحصول القمح، وذلك بتاريخ 25 مايو أيار المنصرم حوادث الاعتقال تكررت في الرقة كذلك في القسم الخاضع لسيطرة ميليشيا أسد من المحافظة، حيث اعتقلت قوات النظام "الأمن العسكري" عدداً من الفلاحين في قرى وبلدات «شعيب الذكر، دبسي فرج، ودبسي عفنان» بتاريخ 26 مايو أيار الماضي، وذلك بسبب بيعهم قسماً من محصول القمح في السوق السوداء وعدم توريدها لحكومة النظام، حسب ما قالت «نهر ميديا».




وخلال الأعوام الماضية انتهجت حكومة النظام أساليب عديدة بالترغيب والترهيب لحث الناس على توريد القمح لها حصراً، كون مناطق النظام تعيش في أزمة اقتصادية خانقة منذ سنوات، وتتفاقم بشكل مستمر، وعن الموضوع يقول الناشط «محمد الشامي» من دير الزور: "تُشدد قوات النظام على عمليات توريد القمح، وتدقّق كثيراً على كل صغيرة وكبيرة، وتراقب الفلاحين في مناطق سيطرتها، وتنتهج أسلوباً خاصاً لمنع الناس من الاحتفاظ بالحبوب أو بيعها، حيث تُخطِر أصحاب حصادات القمح بضرورة تسجيل وإحصاء ناتج كل أرض زراعية من القمح، وتسجيل اسم كل فلاح مع كمية إنتاج أرضه، بالإضافة لذلك فهي لا تتساهل مع أي فلاح لم تنتج أرضه الكمية المطلوبة منه، فالجمعيات الفلاحية التابعة للنظام وقبل كل موسم قمح تسجّل مساحة الأرض المزروعة وتضع مسبقاً كمية من القمح مطلوبة من هذا الفلاح، بغض النظر عن كارثية ظروف الفلاحين، وقلة الدعم المُقدّم لهم".


ويضيف الشامي: "تفوق كلفة زراعة الأراضي ناتجها غالباً، والزراعة في دير الزور من حيث تكاليف السقاية والبذار والأسمدة باهظة الثمن، عدا عن سوء الوضع المعيشي، والطقس كذلك، كلها أمور تسبِّب تراجع الناتج الزراعي، وهذا الموسم سيّئ جداً مقارنة بالعام الماضي، فكمية الأراضي الزراعية تضاءلت بسبب التكاليف والهجرة، وضغط أجهزة النظام الأمنية على الفلاحين".الجدير بالذكر أنّ حكومة الأسد تعتقل كل تاجر يحاول شراء القمح من الفلاحين في فترة الحصاد، علماً أنّ التجّار يدفعون للفلاحين أضعاف ما تدفعه وزارة الزراعة التابعة للنظام لقاء شراء القمح، وغالباً يقوم هؤلاء التجار بتخزينه وبيعه لاحقاً، أو تهريبه نحو مناطق سيطرة «ميليشيا قسد» لبيعه هناك لتجار كبار، ويتجدد كل موسم تنافسٌ محموم بين حكومة النظام وبين الإدارة الذاتية على من يجذب فلاحي الجزيرة لشراء القمح منهم، وفي هذا العام حددت “الإدارة الذاتية” في شمال شرق سوريا سعر القمح في مناطق نفوذها، بمبلغ 2200 ليرة سورية للكيلو الواحد، حسب ما جاء في بيان لها، بينما حددت حكومة النظام سعر شراء كيلو القمح الواحد بـ 1700 ليرة سورية، مع مكافأة 300 ليرة لكل كيلو قمح تشتريه من الفلاح، وعادةً لا يتم دفع هذا المبلغ للجميع ويتأجل لشهور، إضافة لذلك فقد عمد الطرفان لمنع إخراج الحبوب خارج مناطق سيطرتهما. 

هذا وقامت حكومة النظام والميليشيات الموالية لها بالسيطرة على مئات الدونمات من الأراضي الزراعية التي تعود ملكيتها لمدنيين معارضين للنظام ويعيشون خارج مناطق سيطرة ميليشيا أسد، وخارج البلاد، وتركزت عمليات المصادرة في أرياف دير الزور بالدرجة الأولى، وهذا العام انتقلت العملية لريف الرقة. شبكات محلية قالت إن ميليشيا “فاطميون”، وعدداً من ضباط النظام قاموا بزراعة مئات الدونمات بالقمح في مناطق «معدان، السبخة، غانم العلي، دبسي عفنان، الدبسي» وتعود ملكية الأراضي لمُهجرين من المنطقة معارضين للنظام، وقامت بحصادها منذ أيام قليلة".وفي دير الزور قال مصدر خاص لأورينت "إن عدداً من قياديي الميليشيات الإيرانية قاموا بالاستيلاء على عدد كبير من الأراضي الزراعية في دير الزور هذا العام، بعدما كانت عمليات الاستيلاء منوطة فقط بضباط جيش الأسد، والفروع الأمنية، حيث قام قائد ميليشيا "أبو الفضل العباس" التابعة للحرس الثوري الإيراني المدعو "عدنان أبو السعود" بالاستحواذ على أراضٍ زراعية في بلدات محكان، وبقرص بريف دير الزور، وزراعتها بالقمح، وكذلك الحال في مناطق البوكمال وصبيخان، حيث استولت ميليشيات تابعة للحرس الثوري على عدة أراضٍ هناك".ويضيف المصدر: أن "قائد مجموعة (الهادي) التابعة للحرس الجمهوري، اللواء 104، المدعو (سامر الصوفان)، والذي ينحدر من كفريا بريف إدلب، قام بمصادرة عدد كبير من الأراضي الزراعية في بلدات البوليل، والطوب، وقرب طريق المطار، وفي حويجة صگر بدير الزور، وقام بزراعتها كذلك بالقمح، ووظف لديه عدداً كبيراً من الأشخاص الذي يعملون لحسابه الخاص".

هذا وباتت سياسة السيطرة على أراضي المعارضين للنظام شبه روتينية في دير الزور والرقة، حيث تشرف قيادة حزب البعث، فرع دير الزور والرقة على عمليات توزيع أملاك المعارضين على منتسبي الحزب ممن يود الحصول على أرض زراعية واستثمارها مقابل مبالغ رمزية مع تعهد بتوريد المحصول للنظام وتشمل كافة مناطق ريف دير الزور والرقةويُعدّ موسم هذا العام سيئاً من حيث كمية الناتج في عموم محافظات شرق سوريا، سواءٌ في مناطق سيطرة ميليشيا أسد أو قسد، وفي مناطق الأخيرة "قسد" بدير الزور قال الناشط إبراهيم الحسن: "هذا الموسم لم يكن كما كان متوقعاً في مناطق الجزيرة. يعاني الفلاحون من صعوبات شتى، قلة الأسمدة، وصعوبة الحصول على المياه للسقاية، وزيادة تكلفة الزراعة والتي تضاهي أحياناً مردود وناتح الأرض، عدا مسألة المناخ السيّئ".


وكانت منظمة iMMAP الدولية قالت في دراسة حديثة لها صدرت مؤخراً إن فشل المحاصيل في مناطق شمال وشرق سوريا ناتج عن موجات الجفاف وتغير المناخ، ووجدت الدراسة أن منطقة الجزيرة ومحافظة الرقة ومحافظة دير الزور مجتمعة أنتجت محصول قمح أقل بنسبة 71 بالمئة عام 2021، عن محصول العام 2020، وكانت كمية الناتج كالتالي في المواسم الماضية وهي نسبة مخيفة:

2017/18: 560،000 طن

2018/19: 1،151،000 طن

2019/20: 1،657،100 طن

2020/21: 476،700 طن  




رابط المادة : #Orient 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حصيلة أحداث شهر أبريل في البادية

نظرة مبسطة لمجريات البادية

حصيلة البادية لشهر مارس 2024

تقرير البادية لشهر فبراير 2024

الفطر القاتل "الكمأة"

خلافة من ورق - التيارات المتصارعة داخل التنظيم