عن أولئك الحمݘݘيه (1)

عن "الحممݘية" أو الحميماتيه "مُربي طيور الحمام"، في بلاد الشوايا هناك صورة نمطية مرسومة مُسبقاً عن هذا نوع من الأشخاص "مربي الحمام" أو كما يسمونهم الحممݘية، هي ذات الصورة بعموم سوريا غالباً، ولعٌ يأسر هؤلاء الشباب منذ الطفولة بهذه الطيور تصل لحد الجنون والإدمان أحياناً، ويكاد لايخلو حي في قرية ما من هذه الفئة، فهم موجودون في كل مكان، بعضهم يتصرف بعقل، وبعضهم الأخر بحماس متهور، ودوماً يتميز غالبيتهم بالشر، والزعرنه، والشغب او كما نسميه بالشرق "لگاس" بالــ g المصرية، اي مشاغب جداً، للحممݘية مجالسهم، واصدقائهم، وعاداتهم، ويتميزون بمعارف كُثر جداوبذكاء شديد يستخدمونه بالأحتيال غالباً، ولايكاد يخلو جسد احدهم من آثار سابقة لضربات سكاكين، او حجارة، او عصّي، لكثرة العراكات التي يدخلون فيها، ودوماً عوائلهم وبالذات الامهات تدعوا عليهم ليل نهار، فكل عائلة لديها حممݘي كان شخص يجلب المشاكل بأستمرار، بسبب المشاكل على طيور الحمام كانت وجوههم دوماً تتشح بالسمار الشديد " غالباً " وشعرهم اشقر، ويشبهون ذلك الجيل الخلاسي الذي نشأ في استراليا بداية تشكلها، وذلك بسبب وقوفهم لساعات فوق سطوح المنازل عند اقفاص الحمام في عز الشمس، غالبية الحممݘية يعقلون ويتركون الكار بعد الزواج ونسبة كبيرة تستمر للشيخوخة .

في حينا كان هناك جيران لي لديهم طفل اسمه "هاني" كان مولعاً بالحمام منذ الصغر بسبب اشقاءه الكبار فهم كانوا حممݘية واورثوه الكار، وهاجر احدهم للسعودية والأخر الى ليبيا، مع مرور السنوات كان هاني محور الحديث دوماً، في مجالس الافراح والاتراح، بسبب مشاكله التي لاتنتهي كان والده يضربه يومياً، وامه تبتهل الى الله بأشكال متنوعه من الدعاء عليه "يا مال السيارة، يا مال الوجع، يا مكفوخ .. ، يا مال الرصاصة، يا مال الوجع .. الخ "، لكن دعاء امهاتنا كان دوماً ظاهرياً، فعندما مرض مرة اجتمعت نساء الحي حوله ويبكين عليه، " الحارة بدون هاني ما تسوى"! مع ذلك كان هو وعصابته المكونه من (4) اشخاص يحظون بأعجاب ظمني، مُبطن من كبار المنطقة، فقد كانوا شجعان جداً، وجريئين، وشجاعتهم معجونة بطيبة قلب، مع نذالة غالباً ولايسلم منهم احد، فقد كانوا كابوس المارة من الطريق، وبالذات طلاب المدارس، كان هاني كغيره من اسرة فقيرة معدومة ..كرهته مرة من اعماق قلبي، في العام 2006 اثناء كأس العالم، كانت هناك مباراة بين الارجنتين وفريق اعتقد انه المانيا، كانت عصراً، وكنت اشاهدها مع اصدقاء لي، كان الجو حاراً وقتها، وكنت قد اشتريت "6" انواع من الورد وزرعته امام باب المنزل، مرت عصابة هاني واقتلعوا تلك الشتلات ..كان جارنا قد شاهدهم، حقدت عليه جدا وترصدت له اكثر من مرة، بالذات على الطريق المؤدي نحو الفرات، كان منزلي قريبا جدا من الفرات، ويمر الجميع غالبا من قرب منزلي، كانت المساحات الخضراء تغطي المنطقة، وكان يهرب كل مرة، ويقف بعيدا و "يشوبرلي" .. كان يثير غضبي جداً لدرجة الغليان ..مرت السنوات، وتخرجت واندلعت الثورة السورية، اختفى هاني أنذاك لم اعد اراه الا بالصدف، ذهب للعسكرية ، وعندما يراني في المرات القليلة يسلم علي بجدية كبيرة، وارد السلام كذلك كأنما اتعامل مع شخص كبير بالعمر اراه اول مرة، في العام 2012 قام الجيش الحر بتحرير عشرات السجناء كانوا في باص ينقلهم من دير الزور لدمشق، كان على متنه (40) اسيراً جميعهم عساكر حاولوا الانشقاق، كانت غالبيتهم من درعا وريف دمشق، وكان من بينهم حموية وحماصنة، وادالبه، توفي بعضهم بسبب الكمين، والاشتباكات، نجا حينها 35 عسكرياً، وانشق معهم (4) اخرين كانوا ترفيق، بينماقتل (12) جنديا للأسد، و (5) اسرى، كان ذلك اليوم استثنائياً في المنطقة، سادت الفرحة، في مساء ذلك اليوم اتصل بي صديق كان ضمن الجيش الحر يخبرني بالقدوم بسرعة للمشفى الميداني، نحتاج دماً من زمرة A+ وفوراً ذهبت كانت الساعة 10 ليلاً، جاء الشباب واخذوني معهم للمشفى للتبرع بالدم، كان هناك (3) عساكر يحتاجون للدم، احدهم من درعا - البلد، اسمه "عمر" كان خريج ادب انكليزي ومجندا، رفض اطلاق النار من مدفعية الجبل واعتقلوه، وحولوه لدمشق ولحسن حظه حرره الثوار، وفعلا تبرعت بالدم ثم غبت عن الوعي لربع ساعة، لدرجة ان الممرض انذاك وهو قريب لي كان يتهكم بأستمرار علي " جبناه ليتبرع بالدم قام خسرنا كيسين دم، لان معاه فقر دم .. لا عاد تتبرع الله يرضى عليك ".

عندما أفقت وتمشيت في المشفى، كان جميع العناصر المحررين هناك، واستقبلهم الاهالي، يومها ذبحت الذبائح احتفاءا بهم، لفتني منظر شخص مألوف من حيث "بنية الجسم" كان مُلقى على سرير هناك ومصاب بيده اليمين، اقتربت منه واذا به "هاني" كنت فقدته بجدية، كان في جيش الاسد وانشق منذ شهور ! كان يخدم في تدمر، قالوا وقتها انه مفقود، كانت خدعة من اقاربه لكيلا لايداهمهم الأمن وقتها، كان هاني ضمن صفوف الجيش الحر واصيب اثناء تحرير الأسرى، كم وددت لحظتها ان احييه "اضرب تحية له"، تغير كم هو عظيم ذلك ذلك الحمݘݘي، وحتى اصحابه الحممݘية الذين كانوا معه، 3 منهم انخرطوا بالثورة، تعافى الشاب ومرت الأيام، وجاء تنظيم داعش لدير الزور، وبدأ التنظيم بأصدار تعميم، كل شخص منخرط بالثورة والفصائل، حمل سلاحا ام لم يحمل يتوجب عليه تسليم نفسه للقيام بدورة شرعية مغلقه، كان من بين المتبقين هاني، كان قد أتخذ قراراً جنونيا وهو البقاء  






يُتبع 

»»

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرة مبسطة لمجريات البادية

حصيلة البادية لشهر مارس 2024

تقرير البادية لشهر فبراير 2024

حصيلة أحداث شهر أبريل في البادية

الفطر القاتل "الكمأة"

خلافة من ورق - التيارات المتصارعة داخل التنظيم