في كنف الخلافة - نساء داعش أكبر الخاسرين |


في كنف الخلافة - نساء داعش أكبر الخاسرين |


15 سبتمبر 2021 

كان العام 2015 يعتبرُ العصر الذهبي لتنظيم داعش في سوريا والعراق، استقرار نسبي، وتعاظم بالقوة واراضي غنية بالموارد مترامية الاطراف تعادل حجم بريطانيا، كانت قيادات التنظيم في الصف الاول عراقية بحته ومختارة بعناية شديدة ..

‏يتخللها احيانا اجانب وعرب، وبذات العام ازدادت عمليات الهجرة لسوريا من مختلف اصقاع العالم خصوصا من الخليج ودول المغرب، وذلك عبر تركيا للحياة في ارض الخلافه الموعودة والتي صورتها اصدارات داعش بأنها الارض المباركه، تماماً كما هي دعوات الحركة الصهيونية في فلسطين .

<‏مئات بل الوف النسوة كن من بين المهاجرات القادمات لسوريا والعراق، لم تكن سوريا بداية وجهة محببه لعوائل التنظيم المهاجرين كما هو الحال للموصل والانبار، فهي جنة مقارنة بأرض كالرقة وديرالزور والشدادي وريف حلب، لكن بعد عمليات القصف من قبل التحالف وبداية الحرب ضد داعش في العراق ..‏بدأت عمليات النزوح الضخمه للاجانب في داعش نحو سوريا، كانت الرقة اولا ثم تلاها مدن ريف ديرالزور. 

كانت اغلب النسوة عندما يأتين لارض داعش يسلمن جوازات سفرهن، ويمزقنها امام كاميرات اعلام داعش، ثم ينتحلن اسماء جديدة (عربية) وكنيات كنساء الرعيل الاول في عصر الرسولﷺ 

<‏كان المهاجرون يحظون بأمتيازات معينه وكانوا من علية القوم، هم وبعض العراقيين اما السوريين من الموالين للتنظيم (عدا القيادات) فهم يعتبرون مواطنون من الصف الثاني، اما العامة الغير منتسبون والمغلوب على امرهم من السوريين فكانوا طبقة العبيد ان صحت التسمية فهم حطب مشاريع داعش ..‏وضحية قرارتها الغريبه انذاك، كانت النساء السوريات ممنوعات من التنقل من دون محّرم، اللباس يتم المعاقبة عليه على نقش ابرة كما يقال، تخيل انك تكون ماشيا مع زوجتك او اختك فتتفاجأ بشخص من مايسمى جهاز حسبة داعش يضربك ويعتقلك مع زوجتك والتهمة (جورب ملون) وليس اسود، او نقاب مخالف ..‏او كحل، او عطر ، او مزيل تعرق كانت تضعهُ مرافقتك، وبعد اندلاع عدة مشاكل بسبب الضرب والاهانات الذي تتعرض له نسوة السوريين من قبل حسبة داعش، كانت تصل للقتل بين السوري الذي لا يقبل ان تُهان زوجته او اخته امامه وبين الداعشي الذي يضربها مستندا على فتاوي تراثية اجتهادية 

<‏عمدت داعش لانشاء جهاز "حسبة نسائية" متخصص بضرب وعض السيدات السوريات المخالفات باللباس، في مدينة الميادين مثلا حيث كنت اعيش كانت هناك داعشيه مصرية تعض السيدات على غفله، سماها اهل الميادين " البنسه " العضاضه" كانت قصيرة القامة وتحمل عصا طوبله ترافقها شلة من نسوة اجنبيات ..‏اغلبهن عراقيات، مهمتهن ضرب النسوة المخالفات، واعتقالهن، كن يتنقلن عبر باص كبير يتمشين بالاحياء اسوة بحسبة داعش، يلتقطون المارة، احيانا تكون زوجتك او اختم او بنتك في (الحوش) ويكون الجدار منخفضا فإذا لمحن لوناً اقتحمن المنزل، اذكر في احدى المرات عرساً لصديقي ..‏جعله مختصرا لان داعش كانت تمنع الاختلاط خصوصا الاعراس، عزم جيرانه واقاربه فقط واغلق ابواب منزله، كانت حفلة صغيرة، كان المسكين حليق الذقن يرتدي بدلة وگرافه، فجأة اقتحم باصان للحسبة المكان، (نساء ورجال) تم اعتقال كل المعازيم .. اكثر من 120 شخصا مع العريس والذي بات (10) ايام في‏الحبس، في سجن الحسبة لتسعة تهم وتم تغريمة 15 غراما من الذهب، وكونه عريس فقد رحمه القاضي الداعشي وحكم عليه بدورة شرعية مغلقه بعد سجن 10 ايام، وفعلا بقي عنده اهله بعد السجن (5) ايام ثم اخذوه للبوكمال حيث عاد بلحية طويله ، لم اعرفه بداية .. 

كان موقفا محزنا مضحكاً ..‏خصوصاً عروسه عندما شاهدته كانت تبكي وتضحك .. ثم طغى على المشعد ضحك هستيري من اهله والحضور الذي جاء يسلم عليه فور وصوله .

كانت مناطق ديرالزور التي سيطر عليها داعش ارياف، حياة زراعية وتربية مواشي، لم تكن النسوة معتادات على قصص النقاب، فالبيئة هناك خانقه واشغال المنزل ..‏شاقة جدا، فالسيدة الشاوية ان قورن عملها بعمل الرجال فلا فرق كبير، تخيل معي انها تستيقظ مع اذان الفجر، تحلب الابقار ، وتذهب لجز العشب للمواشي، ثم اذا كان هناك اغنام تخرجها للرعي، ثم تعود لتخبز على التنور، ثم تذهب للحقل لقطف الخضره، ثم تحضر الفطور لعيالها، كل هذا قبل السادسة ..‏صباحاً، كان (بشت) الحشيش يزن اكثر من 50 كغ، كن يحملنه مسافات بين اراضي زراعية، وعادة يطاردهن كلاب مسعورة، تجلس تفطر اطفالها وتجهزهم للعمل او المدرسه، ثم يبدأ الجلي، تجلس (10) دقائق لتشرب كاسة شاي تودع زوجها الذاهب للعمل، ثم تتوجه للحقل ومع الظهر تعود للمنزل لتبدأ العمل فيه ..‏وتنتهي امسيتها التاسعه مساءا، ثم تنهض لفجر جديد، نساء الشوايا بوصفي (جبارات) احيانا افكر لو كنت سيدة هنا في هذا المكان اعتقد اني سأموت .. 

نعود لحسبة داعش، كانت الحسبة تعتقل يوميا عشرات النسوة بالارياف وتخالفهن بغرام ذهب حصرا، اغلب المخالفات نقاب في ارض زراعية او تحت البقر ..‏كانوا وقحين جدا، يتسللون بين المنازل، ويباغتون النساء، العملية كلها كانت كنوع من الاستبداد حسب ما فهمت، كان نوعا من التسلية رؤية النساء يركضن مرعوبات منهم، الكل كان حاقدا على داعش وتصرفاتهم، كانت محلات بيع الملابس النسائيه ممنوعه، تم منع انواع من الملابس الداخلية في الاسواق ..‏لانها تسبب الاغراء، جاري كان يمتلك محلا في شارع الجيش بالميادين، ارغموه على عدم بيع (حمالات صدر مزخرفه، وملابس داخلية نسوية صغيرة) !
جمعها واحرقها بأوامر منهم، ومنعوه كذلك من عرض بضاعته في الشوارع وان يبيع النسوة هو ..‏كما تم منع الاطباء الذكور من معاينة النسوة، كان اغلبهن يذهبن بالسر مع ازواجهن لطبيب نسائيه معين في منزله لاخذ وصفه. 

القطاع الطبي في ظل داعش كان هو المتضرر نهاية العام 2015 لم يبق في ديرالزور سوى (9) اطباء فقط والباقي هرب .‏كانت نساء داعش يعشن حياة شبه مترفه قبيل 2016، منازل فخمة تم الاستيلاء عليها من اصحابها (المرتدين) وهم معارضون لداعش او مسافرون خارج اراضي الخلافه .. الخ 

بعد العام 2016 اصبح التنظيم يصادر كل منزل ويبحث عن صاحبه ليطالبه بسندات الملكية ..

<‏اتذكر داعشيا محليا كان يجلس في منزله، وكان يقاتل في القلمون ، بعد عودته تفاجأ انهم طردوا عائلته واسكنوا فيها داعشيا عراقيا !

بدأ جدال كبير بينهم الى ان شككوا انه اخ لهم فعلا ! 

كانت الفوضى تبدأ تسود التنظيم في منتصف العام 2016 ، كانت اشارات لقرب النهاية ..‏كانوا متخبطين جدا، قرارات تصدر ثم تلغى، واحيانا اي منزل يعجبهم يدخلونه واذا لم يكن لدى صاحبه ثبوتيات يستولون عليه، اتذكر سيدة ارملة طردوها ورموا اغراضها خارج المنزل مع اطفالها، لانها كاذبه ونازحه كما قالوا .. ! 

كان هذا بعد الهجرة الضخمه القادمة من العراق بعد تقدم ..‏الحشد واشتداد القصف على الموصل، كانت نسوة داعش الاجنبيات يتزوجن من مقاتلي التنظيم ، كن عربيات واوربيات وافريقيات، كانت رواتب المهاجرين كبيرة بداية لكن لاحقا تدهورت الامور .

بعد مقتل الزوج المجاهد (المتوقع) كانوا ينقلون المهاجرة لمكان اسمه (ديوان ذوي الشهداء) ..

<‏كانت تقضي فيه مع اطفالها (العدة الشرعية) ثم تخرج لمنزل اخر - يحوي العازبات- تشرف عليهن سيدة كبيرة بالسن نوعا ما، كان احد تلك المنازل يقع في حينا، كان فيلا لشخص مسافر بدمشق اخذوا الفيلا وحولوها لتجمع لارامل داعش ..

كان ذاك الرجل معروفا بأنه نسونجي ،كانت هناك دعابة في الحي ..‏وين ما تروح ياابو سليم النسوان ملاحقاتك ! حتى بيتك صار تجمع نسوان .. 

كانت تأتي للمنزل سيارات بأنتظام يوجد فيها مهاجرين .. خطاب، تقف السيارة خارج المنزل ، فيها ثلاثة رجال او اربعة، تخرج السيدة المشرفة تتحث معهم ..

يبدو ان هناك زيجة سوف تتم ..‏يبحث هذا التونسي عن زوجة (مثلا) تنصحهُ السيدة باحداهن، تخرج برهه يراها وحده وبرفقة المشرفه، تعجبه وتوافق هي ، وفي اليوم التالي تتم الزيجة والقران على باب المنزل الكبير .. 

تركب معه مع اطفالها لزيجة جديدة ..

كانت اغلب النسوة يتزوجن بأكثر من شخص وينجبن من عدد منهم ..

<<<‏كان الاطفال ملونين - لا اقصد العنصرية - كانوا احيانا من اب افريقي او اشقر او اسيوي ، ام واحدة واباء متعددون !

كان الامر اشبه بتحويل هذه النسوة لسلعة تحت غطاء الدين والشريعه .

قبيل خروجي من ديرالزور في العام 2016 في نهاية ذاك العام ..

كان احد منازل نساء داعش في الحي . 

<‏الذي اسكنُ فيه ، كانت احداهن تتمشى في حينا، صاحبت عددا من نسوة الحي، كن حذرات معها، تبين انها روسية - كانت تتقن العربية ببراعة، كان حينا شبه خال من الشباب ، الغالبية هاجر لاوربا في 2015 ..

ولازال الشباب يفرون من مناطق داعش، كان هناك دواعش بالعشرات كذلك ..‏كانوا يفرون، واخيرا اعلن داعش ان عقاب كل مهرب او شخص يهرب هو الاعدام، فعلا تم اعدام العشرات من الاشخاص مع نهاية 2016، حتى انا عندما فررت من داعش لم اجد مهربا ، خرجت وحدي ووقعت في حقل الغام مات على الطريق معي قرب صرين عدد من الاشخاص وللقصه بقية ..

كانت تلك السيدة الروسية ..‏تحاول جس نبض سيدات حارتنا، كانت تريد الفرار فعلا، وتبحث عن مهرب .. 

كان هنا خوف متبادل ..

بخصوص النقاب كان موجودا في مناطقنا ومنتشرا لكن بحكم حياة الارياف الصعبة كان مو الصعب الاعتياد عليه ..‏ملابس السيدة الشاوية كان ساترا ومحتشما جدا ، كانت اللطمة كنقاب لكن ملون ! 

اما من يقول ان داعش هي من جلبت النقاب وعرفتنا عليه فهو كلام عار عن الصحة 

<‏كان العام 2016 عام انهيار للتنظيم ، العشرات من النسوة هربن عبر مهربين، كن من مختلف الجنسيات، اشتداد القصف وتقهقر داعش كلها امور ادت لكشف القناع الحقيقي للتنظيم ، بدأت عمليات اعدام للنسوة والشباب الاجانب الراغبين بالعودة لبلادهم ..

بداية العام 2017 كانت نفوذ داعش يتلاشى ببطئ، اغلب السيدات الاجنبيات ولقلة المهاجرين تم السماح لهن بالزواج من العامة، لكن الكل كان يبتعد عنهن، كان جيش النظام يقترب، وقسد تقترب والدائرة تضيق، اخيرا ترك التنظيم الحراسه عنهن ، وبدأت رحلة الهروب الفاشلة ..‏اغلبهن انتهى بهن الحال بيد قسد، وللاسف تم توثيق حالات اغتصاب لسيدات اجنبيات وعراقيات وسوريات من نسوة التنظيم ممن اضعن الطريق وانتهى بهن الحال بيد جيش الاسد، او بعض حواجز قسد الصحراوية .

كانت الحرب عندها مستعره ، انحسر نفوذ داعش في مناطق تسمى جيب هجين وهي 

<‏كانت بأقصى شرق ديرالزور، وتضم هجين والشعفه والسوسة والباغوز، كان ذلك اخر ما تبقى من نفوذ خلافة داعش، كانت غالبية النسوة تم اقتيادهن لمخيم الهول ولازلن هناك، بعضهن تمكن من الفرار لتركيا، وبعضهن قتلن او اغتصبن .. 

كانت تلك النسوة مع اطفالهن حطب خلافة داعش ..

<< تتمه باقية .‏تم احراق مئات الشباب المسلمين المخدوعين من ذكور واناث، الشباب تخطفتهم طائرات التحالف الدولي، اتذكر لليوم فيديو ارسله صديق لي لايفارق ذاكرتي لليوم .

كان رتلا مكونا من 60 الية لداعش على طريق الحسكة ديرالزور ، اباده طيران التحالف بالكامل ، لازالت اتذكر اول غارة للتحالف ..‏على مناطقنا ، كانت في بادية الميادين يومها استهدفت فرازة ضخمه للنفط ومقرا قرب معمل مسبق الصنع، بعد تلك الغارات اختلف المشهد ، كان تنظيم داعش اكبر مقلب اضاع واحرق المئات من حرائر المسلمين المغرر بهن .. 

واليوم لازلن يدفعن الثمن غاليا .. في الهول وفي السجون ..‏كلما اتعمق اكثر بكتاباتي ، اتذكر تفاصيل اكثر ، اتمنى ان يسعفني الوقت في يوم ما لأكتب ما عشته في ظل خلافة البغدادي تلك .

مهما كان ومهما كن .. كنت اشفق على تلك النسوة كثيرا .. 

وكما يقال عندنا : خطاهن برقبة الورطهن وجابهن !!‏كن يتعرضن للاستغلال من قبل مهربين محليين واغلبهم كاذبون ، كانوا ياخذون مبالغ طائلة الاف الدولارات، ويسلموهن لقسد بالنهاية .

كن اكبر الخاسرين فعلا ..


رابط الثريد على حسابي في تويتر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حصيلة أحداث شهر أبريل في البادية

نظرة مبسطة لمجريات البادية

حصيلة البادية لشهر مارس 2024

تقرير البادية لشهر فبراير 2024

الفطر القاتل "الكمأة"

خلافة من ورق - التيارات المتصارعة داخل التنظيم