ابو جاسم .. وداعش

‏عندما جاء داعش لديرالزور فرض في بداية العام 2015 دورات شرعية أجبارية على كل شخص "عاقل" كبيراً، او صغيراً، (ذكور)، وقسم الناس لأقسام، حيث خضع العسكريين لدورات مغلقة مدتها (20-30) يوم في مكان سري، وخضع المعلمين لدورات مستقلة، وخضع باقي الشعب لدورات في المساجد في كل بلد وقرية ، أصاب الناس الذعر والهلع، تهرب كثيرين وتحجج البعض لعدم الحضور، لكن داعش لم يشفع لأحد، حتى ان هناك رجالاً بعمر الــ 50 أخذو يمثلون علي انهم كبار بالسن ومرضى، كانت مناظر الرعب والخوف على الناس في المساجد تثير في بعض الاحيان الضحك وبنفس الوقت الشفقة، كان اغلب الناس لا يقرؤون ‏أميين بين قوسين، كانت دورة داعش الشرعية تتم في المساجد، يُلقيها شرعي للتنظيم، اجانب ومحليين، وكانت في كتاب "التوحيد" لأبن عبد الوهاب، حيث تم فرض تعلمه على الكل وحفظ تعاليمهِ، وفي نهاية الدورة هناك امتحان شفهي (فيس تو فيس) للشرعي ويقابله المدني المصخم المرعوب، كان يوم الامتحان ‏مثيرا للرعب، حيث يُفرض على الراسب اعادة الدورة في مكان اخر، وتسجيل الحضور بشكل يومي (الحضور اجباري) ، بينما يُمنح الناجح بطاقة بيضاء، تصف صاحبها بــ الاخ، اي انه بات الان مسلماً حسب تعاليم التنظيم، كانت الدورات نتيجة منهج خاص ورؤية شرعية لداعش لست بصدد شرح تفاصيلها، كان في منطقتي رجل بسيط جداً قضى حياته راعياً للأغنام، وأُمي ليس لديه فكرة عن اي شئ سوى اغنامه وسوق الحلال وعائلته، تم اخباره بضرورة حضور الدورة الشرعية، كانت لحيته مبعثرة، بضع شعيرات متناثرة واعفاها رغماً عنه، بسبب تعاليم التنظيم الذي نهى عن حلق اللحية والاخذ منها حتى حضر صاحبنا الدورة الشرعية، وكان يتحاشى الجلوس بالمقدمة ويتخفى في اخر المسجد لكيلا يسأله الشرعي اي سؤال مباغت، كان مرعوباً تماماً، في يوم الامتحان بدأ مشهد حزين وبنفس الوقت مثير للضحك نوعا ما، كان هناك اشخاص لايقرؤون ولايكتبون وكبار بالسن وبعضهم وجهاء وتراهم يتلعثمون، ‏وصل الدور لصاحبنا المكنى "ابو جاسم" وقف امام الشرعي وكانت يداه ترتجفان وصوته متقطع ويكاد يختفي، لم يكن يعلم اي شئ، سأله الشرعي :

- ماهو الناقض السابع ؟

سكت ابو جاسم 

خاطبه الشرعي راح اغيرلك السؤال كونك رجال باين عليك بسيط 

من هو النبي الذي خاطب الحيوانات وسخر الله له الجن ؟

‏تعالى صوت من أخر من المسجد موشوشاً لأبو جاسم :

ماوكلي .. 

قال ابو جاسم فرحاً بأجابته : موكلي يا شيخ 

الشرعي هنا تغيرت معالم وجهه بين ضاحك وغاضب، صرخ وهو واقف : دورة مغلقة بالانبار هات اسمك ..

اغلقت ابواب المسجد وحصل نوع من الضجة من علمك الاجابة ؟ هرب جزء من الحشد خارجاً وبقي ابو جاسم المسكين مستسلماً لمصيره، وفعلا تم نقله للبوكمال بدورة مغلقه، بينما لم يُعرف صاحب الاجابة الذي ورط المسكين .