قسد دير الزور بعد 5 سنوات "الخبيل" واجهة لـPKK وإساءة للعرب وتدهور بكل المجالات.
قسد دير الزور بعد 5 سنوات "الخبيل" واجهة لـPKK وإساءة للعرب وتدهور بكل المجالات.
04.01.2023 | زين العابدين العكيدي
منذ سيطرة ميليشيا قسد على الجزء الواقع في شرق الفرات من محافظة دير الزور، أواخر عام 2017، لم يطرأ أي تطور مهم على حياة سكان المنطقة، مقارنةً بما سبقها من سنوات، بل العكس شهدت المنطقة تراجعاً كبيراً في عدة مجالات، ولعلَّ أبرزها هي الناحية الأمنية والتعليمية والصحية، ونستطيع القول إنَّ السِمةَ الأبرز لطبيعة الحكم في عموم الشرق هي عنصرية بالمُجمل.
وخلال العام المنُصرم شهدت مناطق دير الزور عشرات التظاهرات ضد فساد مؤسسات الإدارة الذاتية وضد ممارسات ميليشيا «قسد» التعسفية بحق السكان، وما زالت التظاهرات مُستمرة، وبلغت تلك الاحتجاجات أوجها خلال الأسابيع الماضية، بعد حادثة اغتصاب وقتل شابتين إحداهن قاصر على يد قياديين في ميليشيا مجلس دير الزور العسكري التابعة لـقسد، ومرتكبو الجريمة هم شقيق وأقارب متزعم الميليشيا "أحمد الخبيل أبو خولة"، والتي حصلت بتاريخ 16 من ديسمبر /كانون الأول الماضي حسب ما أفادت به عدة مصادر محلية من دير الزور.
تلاها قيام عناصر الميليشيا بقتل ثلاثة شباب أواخر نفس الشهر وبحسب ما قالت شبكة نهر ميديا المحلية فالشباب الذي قتلتهم قسد خلال الأيام العشر الأخيرة هم: "مهيدي صالح اللايذ، وعبد الحسين الچادر، وخليل موسى النكلاوي" في ثلاثة حوادث متفرقة، أعقبها رداتُ فعلٍ غاضبة من أهالي المنطقة، ولحد اليوم ما زالت قيادة ميليشيا قسد صامتة ولم تُحرك ساكناً تجاه هذه الأحداث وما تلاها.
عنصرية مُبطنة
المُطلع على الواقع في شمال وشرق سوريا يُدرك جيداً طبيعة حكم ميليشيا قسد للمنطقة، والذي يتميز بعنصرية مُبطنة، وتهميش مُتعمد، ورعاية للفوضى الخلاقة، وهذا الأسلوب في إدارة المناطق العربية بالذات وفرَ لقسد بيئة ملائمة لكبح تطلعات السكان المحليين في إدارة مناطقهم، وما يميز مؤسسات الإدارة الذاتية اليوم هو تسلط كوادر قنديل على جميع مفاصل الحكم والإدارة، وذلك عبر الاعتماد على زمرة من الفاسدين للإشراف على مناطق دير الزور بالذات، عسكرياً ومدنياً.
وفي تصريح خاص لأورينت قال الكاتب والصحفي فراس علاوي "تتصرف قسد والإدارة الذاتية عسكرياً ومدنياً في المنطقة كسلطة أمر واقع وتتعامل مع السكان من هذا المنطلق، فهي عموماً لا تعتبر نفسها أنها بنت المنطقة، خاصة إذا تحدثنا عن مناطق ريف دير الزور والرقة، لذلك هي تعتمد على أسلوب تكرس فيه "سلطة الأمر الواقع" وتسير في حكمها من هذه الرؤية، والتي تعتمد أولاً السيطرة على المجتمع عن طريق إفساده وإغراقه بالفوضى الخَلاقة، وعدم محاولة التغلغل فيه وتطويره، وعدم السماح له بتثبيت مرتكزاته الاجتماعية خاصة، حتى لا تتنامى تطلعات الشعب بالمشاركة السياسية الفاعلة، ولهذا نراها تعتمد على شخصيات فاسدة أساساً، وساهم إفساد هؤلاء بتفكيك هائل للمجتمع، يعني قسد أساسا تخشى من الحاضنة الشعبية العربية في المناطق الموجودة بها، لأنها تعرف أنها غير مقبولة عند هذه الحاضنة، وتكوين قسد الهرمي يعتمد على الولاء لفكر معين وإيدولوجية معينة، متناقضة تماماً مع الفكر المحلي الموجودة به".
الخبيل دمية بيد PKK
البطانة الفاسدة هي من تعول عليها ميليشيا «قسد» للتحكم بدير الزور، عسكرياً ما زالت تضع ثقتها بالمدعو "أحمد الخبيل أبو خولة" قائد ميليشيا مجلس دير الزور العسكري، رغم فساده وتجاوزاته وتاريخه الأسود، ولكنها وجدت بالرجل كل ما تحتاج إليه، فهي تتحكم به كما تشاء، وغضت قسد الطرف عن جميع ممارساته وأفعاله، وآخرها اغتصاب وقتل فتاتين في دير الزور، في حادثة هزت المحافظة.
وعن الموضوع قال الناشط محمد الخالد لأورينت" من الصعب أن تستبدل قسد أبو خولة، فهو عبارة عن دمية بيد كوادر PKK ساهم على مدار سنوات بقتل وتصفية واعتقال العشرات من مُعارضي قسد في دير الزور، ونصّبَ الخبيل نفسه أميراً وشيخاً على عشيرته «البكير»، وهذا الأسلوب تتبعه قسد للتعامل مع سكان المنطقة ذات الطبيعة العشائرية في المحافظات الشرقية، وهو الاعتماد على شيوخ ووجهاء موالين لها، وفي بعض الأحيان تلجأ لتنصيب شيوخ من عندها ليساعدوها في جميع ممارساتها".
وأضاف "مؤخراً خرجت مظاهرات في ريف دير الزور الغربي على مدار عشرة أيام تطالب بمحاسبة الخبيل واستبداله بسبب حادثة مقتل الفتاتين، وحادثة مقتل شاب من أبناء «قبيلة البگارة» ولم تلق تلك التظاهرات آذاناً صاغية من قبل قيادة قسد أو التحالف، لدي قناعة أن وجوده ضروري لقسد جداً فهو يمثل لها أفضل خيار لقمع أهالي دير الزور وقتل صوتهم المُطالب بالحرية وحكم مناطقهم".
اعتقالات تطال 217 مدنياً
وخلال عام 2022 وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اعتقال 217 مدنياً في دير الزور على يد ميليشيا قسد، من بينهم أطباء وشيوخ وأطفال وطلاب جامعيون، وغالبية الاعتقالات طالت أشخاصاً لمشاركتهم في مظاهرات مناهضة قسد احتجاجاً على سوء الأحوال المعيشية والخدمية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وتنفّذ ميليشيا قسد بشكلٍ دوريّ عدداً من الاعتقالات في دير الزور تطال المعارضين لها، والمطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية، والاعتقال يتم ببساطة بتهمة الإرهاب، وهي التهمة السائدة والوحيدة لكل مُعارض لممارسات ميليشيا قسد بدير الزور.
ويضيف الصحفي والكاتب فراس علاوي :"هناك شرخ كبير ما بين قيادة قسد هرمياً، وما بين القواعد، خاصة أن القرار الغالب والمُتحكم بهيكليتها صادر عن كوادر PKK وهم فئة ترى نفسها فوق الجميع، وتتعامل مع المناطق العربية كقوة أمر واقع مفروض، حتى لا نقول قوة احتلال بالمعنى الحرفي، هذا هو السبب الأساسي لفساد منظومة قسد، الانقطاع ما بين القمة والقاعدة ومحاولة فرض أو خلق أمر واقع للسيطرة على المنطقة من خلال عدم جعل المجتمع يشارك بالتنمية والتطور، لإبعاده تماماً عن التفكير بالمشاركة بالعملية السياسية، لذلك تعمل على القمع والتهميش لكل صوت ينادي ويندد بممارساتها ".
طبيعة حكم قسد
ولا يختلف الأمر كثيراً على صعيد لجان المجالس التابعة للإدارة الذاتية في دير الزور، فالسمّة البارزة لحكم غالبية تلك المجالس هو الفساد والسرقات، ويتم تعيين الرؤساء بقرار صادر غالباً من كوادر PYD، حيث يتحكمُ هؤلاء بجميع التعييّنات، خلال العام المنصرم قام كادر تركي من قنديل يُدعى ﭘــاران بتعيين المدعو "محمد رجب" رئيساً للمجلس المدني لدير الزور بدلاً عن غسان يوسف آنذاك، بدون أية انتخابات أو استشارة أحد، القرار يومها سبب موجة احتجاجات شعبية لكن قرار ﭘــاران بقيَ سارياً كالمعتاد، ببساطة الكوادر هم المتحكمون بكل شئ بحيث يُعينون أشخاصاً أشبه بدمى دون أي قرار أو أفعال، وهؤلاء بدورهم فاسدون ويُعينّون أشخاصاً هواة بدون أي مؤهلات علمية بالغالب، وحتى أن بعضهم موالين لميليشيا أسد والأمثلة كثيرة، وهذا الأسلوب يُلخص طبيعة حكم قسد والإدارة الذاتية للمنطقة، مؤخراً وبتاريخ 29.12.2022 قامت لجنة الصحة في دير الزور بتعيين سيدة اسمها خديجة عيد الشيخ لمنصب الرئاسة المشتركة للجنة الصحة، وهي لا تمتلك أي مؤهل علمي، بل مجرد قابلة.
وأشار الناشط عادل العلي إلى أنه يقتصر دور الموظفين العرب في مجالس الإدارة الذاتية على تنفيذ الأوامر الصادرة من القنديليين، وهم مبعدون عن المشاركة في صنع القرار، ومهما بلغَ الموظف العربي من منصب فلا يتجاوز دوره عن إجراء مسابقات تعيين مدارس أو ممرضين مثلاً وحتى هذه يتدخل فيها القنديليون، ومنح الرخص وتوزيع البذار، وتوزيع الميزانيات والتي يحددها الكوادر بالكلية، يمكننا القول إن الدور العربي هامشي إن صح التعبير".
ولليوم ما زالت مختلف مجالات الحياة مُتخلفة وتعاني في عموم دير الزور، فقطاع الصحة والتعليم يسيران للخلف بشكل كارثي بسبب سياسة الإدارة الذاتية، وما زال الوضع الأمني متردياً، فميليشيا قسد تتعامل مع جميع السكان كأعداد وإرهابيين بدون مبالغات.
رابط المقال في موقع #أورينت
تعليقات
إرسال تعليق